شعرت ان كل شيء حولها يضيق
حتى ابتسامته تلك التي ظنتها برحب الكون تراءت لها وكانها عدم مظلم
لم تكلف نفسها عناء المحاوله ..استسلمت
تضاءل الضوء بناظريها وتجمد الهواء
وسكنت كل معالم الحياة
حتى انفاسها ودقات قلبها لاذوا بالفرار ..وتركوها وحيده ..بضيق لا حدود لوحشته
تحسست جسدها لتتاكد انه الوحيد الذي لم يخذلها وفر كالباقين...
اعتادت ان يخذلها الجميع لكنها لم تظن ابدا ان روحهاايضا قد تتآمر عليها بذات يوم
وهو أيضا كيف يتركها .. وقد وثقت به دون الجميع اسلمته كيانها وحياتها دون ذرة تردد
قاسمته احلامها واحزانه..فتوارى عندما احنى الضعف ظهرها وبطشت بها يد الزمن
احست انها خدعت وانها وثقت بمتغيرات لا ثابت لها خلاف ما دربت نفسها عليه طوال سنوات عنائها
عادت لتتحسس جسدها من جديد..وكانها تؤنس حالها ..بان هناك من يزال الي جوارها يشاطرها ..يشاطرها!!؟
انتبهت فجأة لوقع تلك المشاطرة
فلم تجد شيء تشاطر به احدا..فراغ مظلم يحيط بها من كل جانب ووحدة تطبق على انفاسها فتزهقها بلا هوادة
وهاهي مسجاة على رقعه تضيق بها كلما مر الوقت...
ازداد اختناقها بتلك الفكرة حاولت ان تبكي
ان تطلق آه تحملها مالا طاقه لها به فتخفف عنها
ان تذيب جدران الوحده بحرارة خوفها..ان تستغيث ...لاجدوى كل محاولاتها ساكنه بلا حراك
انهكتها المحاوله
لكنها قررت ان تنتصر ولو مرة واحده ولتكن الاخيرة... المهم ان تنتصر
واخذت تشحذ اسلحتها لتخوض معركتها المصيريه الخالده ...إما ان تكون او لا تكون
وتنبهت لمعنى خفي لم تدركه قبلا وتساءلت وكانها تحاكم متهما امامها ما معنى ان تكون ؟؟؟
رددت السؤال بطريقة آلية تنتظر ما لا يأتي فالأجابة ليست مبهمة فقط ..بل هي من الغيبيات
لم تواجه من قبل هذا المعنى ولم تقف امام مفهوم "ان تكون " طوال سنين حياتها لم تعرف يوما من تكون او ماذا تكون؟
!وهاهي الآن وحيدة تتساءل بلا إجابة او معين من تكون؟؟ ...
خانتها كل ذكرياتها كما خانها العمر مسبقا
وظلت تردد السؤال بعناء بندول ساعة متهالك يحاول الافلات من خيوط عناكب ماضي سحيق فيصدر صرير موته مع كل دقة
وفجأة قررت ان تصرخ بالسؤال فربما فزعت الاجابة وهرعت اليها بالحال ....ولكنها لم تجد احبالها الصوتيه
تاهت منها بخضم اصرارها على المحاولة
لا بل هاهي ..هاهي احبالها باليةحقا ولكنها مازالت عالقه تهتز ..اذا لما لم تنضح بنبرات صراخها؟ ..واختنقت العبرات بجوفها خلف قضبان الكتمان
لم عجز الكون ان يعلن مولد صرختها على صفحاته مجيبا طرقات سؤالها الملح وصراخها الحبيس؟
حتى الصرخة خذلتها ..خانها صوتها ذاك اللئيم وتخلى عنها بأشجع لحظاتها النادرة..
لئيم كبني آدم..يشحذك ثم يخذلك وكانه لم يكن اصلا
لئيما كالدنيا ..تعطيك ظهرها وتولي مدبرة حين تحتاجها وتنادي عليها
لئيما بزمن اللئام ...لا ضير اذا ان زاد عددهم واحدا آخر ..فلن يحبط هذا من عزيمتها ولن يثنييها عن رغبتها بالانتصار وتحقيق مالم يكن لها ابدا.."ان تكون"
حاولت ان تستعين بجسدها الواهن الممدد بلا حراك عاجز حتى ان يرتجف رعبا او يرتعش خوفا..استحلفته بكل ما شاركته معه من آلام ..ذكرته بانها صانته وحفظته عفيفا كريما مصونا طوال سنواتها ..نهرته عنفته ..لم يستجب وكانها لاتملكه ولا يخصها
لئيما اخر بزمن شح بالكرام
استغاثت بأخواتها باخوانها قريناتها بصحويباتها ..لئام لئام
راودها الياس مغريا اياها بدرب الاستسلام المريح ..فلتمشيه كعادتها ولا تخلف لنهجها عادة
ولكن شيئا واحدا مازال ينبض داخلها يبثها عزم المحاولة ويجمل بناظرها مذاق الانتصار..انفض عنك ايها الجسد حطام الحياة وتشبثي ياروح بآخر انفاسك المعلقة بين الموت والانتصار..امنحي نبضك حق الحياة ..امانة يجب ان توفيها ...ان تسلميها قبل ان تسلمي الانفاس
قلــــــــم بـاربي